المجزوءة الأولى:الشعر العربي الحديث:من احياء النموذج الى سؤال الذات:
غرفة الشاعر:
ظهرت الرومانسية العربية في بداية القرن العشرين كرد فعل ضد المدرسة التقليدية التي همشت الذات والعاطفة، بحيث لم يعد من المقبول الاستمرار في تقليد الشعر العربي القديم في الوقت كان المجتمع العربي يحاول الخروج من النفق المظلم الذي فرضته عليه سنوات الانحطاط الطويلة، فجاءت أعمال الرومانسيين الأدبية معبرة عن الذات وانفعالاتها وتأملاتها متأثرين بذلك بأعمال العديد من الأدباء الغربيين "لامارتين" و "فيكتور هوجو" و "كولريدج"...، ومتشبعين بالفكر الليبرالي. وقد تمثل هذا التيار في العالم العربي مجموعة من الشعراء نذكر منهم عباس محمود خالد عقاد، إبراهيم الناجي، أبو القاسم الشابي وعلي محمود طه صاحب القصيدة القيد التحليل.
فإلى أي حد جسدت هذه القصيدة تيار السؤال الذات؟
وما هي خصائصها الفنية والدلالية والتعبيرية؟
صاحب القصيدة:
علي محمود طه: هو شاعر مصري ولد سنة 1902م بمدينة المنصورة تخرج من مدرسة الفنون التطبيقية عام 1924م. يعد من أوائل شعراء الاتجاه الرومانسي في الشعر العربي المعاصر ومن رواد مدرسة أبولو. اكتسى شعره طابعا ذاتيا مليئا بالكآبة والحزن وخلف مجموعة من الدواوين من بينهما "الملاح، التائه...".
ملاحظة شكل القصيدة:
من خلال الملاحظة البصرية للقصيدة يتضح أنها تعتمد على نظام المقاطع والتنويع في الروي.
قراءة العنوان:
جاءت القصيدة بعنوان "غرفة الشاعر" وهو عبارة عن جملة اسمية ويوحي في معناه العام الى عزلة الشاعر وانفراده في غرفته.
فرضية النص:
انطلاقا من العنوان وبداية النص نفترض أن الشاعر أنه سيعبر عن معاناته بسبب الأحزان والشجون مما دفعه الى لزوم غرفته والانعزال فيها.
مضامين القصيدة:
بعد قراءتنا للقصيدة يتضح أنها تضم أربع وحدات:
- الوحدة الأولى: وتضم المقطع الأول: يعبر فيها الشاعر عن أحزانه وآلامه التي انعكست سلبا على نفسيته وجسده.
- الوحدة الثانية: (المقطع الثاني): يصف الشاعر غرفته الكئيبة التي يسودها الصمت والسكون، فأثاث الغرفة كله حزين فالموقد قد دابل والسراج ضوئه خافت وبقايا النيران تبكي.
- الوحدة الثالثة: (المقطع الثالث): يعاتب الشاعر نفسه ويحملها مسؤولية وضعه.
- الوحدة الرابعة: (المقطع الرابع): قرر الشاعر الخلود الى النوم ونسيان همومه بعد أن تأكد من استحالة تغير أحوال مجتمعه.
ان انقسام القصيدة الى أربعة مقاطع لا يعني اختلاف أو تعدد مواضيعها، بل نجد ان مضامينها ومعانيها تصب في نواة دلالية واحدة هي التعبير عن ذات الشاعر. إذا فعلي محمود طه لم لم يلتزم ببناء التقليدي للقصيدة العربية القائم على تعدد الأغراض، بل اعتمد على الوحدة العضوية للقصيدة التي تجعل من النص لحمة واحدة متماسكة.
أنشطة التحليل:
الحقول الدلالية:
تضم هذه القصيدة الشعرية حقلين دلاليين هما:
× حقل الشاعر: أيها الشاعر الكئيب، شجونك، جفونك، أنينك، أدبلت بالأسى قلبك...
× حقل الغرفة: دب السفون، السراج، بقايا النيران، الموقد، الفراش...
وتربط بين هذين الحقلين علاقة ترابط فحالة الغرفة الكئيبة تعبر عن حالة الشاعر النفسية.
لغة القصيدة:
استعمل الشاعر لغة سهلة قريبة من لغة التداول باستثناء بعض الالفاظ التي تنتمي الى القاموس اللغوي القديم مثل البرع، الكرى، الغضّ.
الصور الشعرية:
توسل الشاعر مجموعة من الصور الشعرية كالاستعارة في البيت الأول "غارق في شجونك" حيث استعار الشاعر صفة الغرق وأسندها الى الأحزان والشجون.
وقد أدت هذه الصور الشعرية مجموعة من الوظائف، فبالإضافة الى الجمالية فقد ساعدت هذه الصور الشاعر في التعبير عن أحاسيسه وأحزانه ووصفه لغرفته.
يمكنكم الاطلاع على كل من الأساليب الخبرية والإنشائية، والإيقاع الداخلي والخارجي، والتركيب من هنا.

تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار اكتب تعليقا هنا